مظاهرات في باريس ضد اليمين المتطرف قبل الانتخابات التشريعية
تحت إجراءات أمنية مشددة، تشهد باريس وعدة مدن فرنسية السبت مظاهرات ضد اليمين المتطرف الذي يواصل حصد النقاط في استطلاعات الرأي قبل أقل من أسبوع من الانتخابات التشريعية المبكرة التي دعا إليها الرئيس إيمانويل ماكرون بعد الفوز التاريخي الذي حققه حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف (أكثر من 31%) في الانتخابات الأوروبية التي جرت في التاسع من يونيو 2024.
وفي وقت تشير التوقعات إلى أن ائتلاف الأحزاب اليسارية الذي تشكل تحت تسمية "الجبهة الشعبية الجديدة" سيكون الخصم الأول لـ"التجمع الوطني"، الحزب اليميني المتطرف الذي كان الفائز الأكبر في الانتخابات الأوروبية في فرنسا ويتصدر نوايا الأصوات بفارق كبير عن المعسكر الرئاسي، نزل آلاف الأشخاص منذ مساء الجمعة إلى الشوارع في عدد من المدن في تظاهرات تخللتها في ليون (وسط شرق) أعمال عنف أوقعت أربعة جرحى ثلاثة منهم شرطيون، بحسب السلطات المحلية.
ومن المتوقع خروج نحو مئتي مظاهرة في عطلة نهاية الأسبوع، مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية التي تنظم دورتها الأولى في 30 يونيو ودورتها الثانية في 7 يوليو.
وتبدأ المظاهرات قبل ظهر السبت في بايون (جنوب غرب) وتولون (جنوب شرق) وفالانسيان (شمال) ومدن أخرى، فيما تنطلق المسيرة في باريس في الساعة 14,00 (12,00 ت غ)، على أن تجري المظاهرة في ليون، ثالث أكبر مدن فرنسا، الأحد.
وتوقع مصدر في الشرطة نزول 300 إلى 350 ألف متظاهر إلى الشوارع، بينهم 50 إلى 100 ألف في العاصمة. في المقابل، تمت تعبئة نحو 21 ألف عنصر من الشرطة والدرك.
وأعلنت ماريليز ليون رئيسة "الكونفدرالية الفرنسية الديمقراطية للعمل"، إحدى النقابات الخمس التي دعت إلى التعبئة، في تصريح لإذاعة فرانس إنتر "نعيش لحظة تاريخية" داعية إلى التظاهر ضد "برنامج اليمين المتطرف الذي يقضي على العمال والعاملات".
وستكون المظاهرات التي دعا إليها قادة اليسار منذ مساء الإثنين، مؤشرا إلى مدى شعبية "الجبهة الشعبية الجديدة"، الائتلاف الانتخابي الذي يضم الأحزاب اليسارية الكبرى وفي طليعتها "فرنسا الأبية" (يسار راديكالي) والحزب الاشتراكي، مرورا بأنصار حماية البيئة.
وبعدما كانت الوحدة بين هذه الأحزاب غير مطروحة قبل الأحد في ظل الخلافات الكبرى في مواقفها، أُعلن تشكيل الائتلاف هذا الأسبوع تحت برنامج مشترك.
غير أن تصدعات ظهرت ليل الجمعة في وحدة الصف هذه مع إعلان فرنسا الأبية ترشيح النائب المنتهية ولايته عن الشمال أدريان كاتنانس الذي واجه تنديدا بعدما حكم عليه لإدانته بأعمال عنف أسرية.
في المقابل، استبعد الحزب ترشيح بعض وجوهه التاريخية مثل دانيال سيمونيه وأليكسي كوربيار وراكيل غاريدو، فنددت الأولى بـ"حملة تطهير" فيما اتهم الثاني زعيم الحزب جان لوك ميلانشون بـ"تسوية حساباته".
وأعربت رئيسة أنصار البيئة مارين توندولييه عن "صدمتها الكبرى" لهذا "التطهير" داخل فرنسا الأبية، ودعت صباح السبت هيئات حزبها للاجتماع، داعية الجبهة الشعبية الجديدة إلى دعم المرشحين الذين استبعدهم حزب اليسار الراديكالي.
من جانبه، اعتبر رئيس الحزب الاشتراكي أوليفييه فور "طرد" نواب فرنسا الأبية "المتمردين" بمثابة "فضيحة".
وكان ماكرون انتقد مساء الجمعة الخلافات الداخلية في صفوف اليسار واصفا التكتل بأنه "استعراض غير مترابط إطلاقا". واعتبر أن كل طرف "يفكر بصورة مناقضة" للآخر مضيفا "إننا عند المجانين، هذا ليس جديا".
وتطرح الجبهة الشعبية الجديدة في برنامجها "قطيعة تامة مع سياسة إيمانويل ماكرون"، وفق ما أوضح منسق "فرنسا الأبية" مانويل بومبار، ولا سيما مع إلغاء إصلاح النظام التقاعدي، ورفع الحد الأدنى للأجور إلى 1600 يورو (مقابل 1383 يورو حاليا)، فضلا عن مكافحة معاداة السامية والتنديد بـ"مجازر حماس الإرهابية" في إسرائيل"، وهما موضوعان أثارا خلافات كبرى بين أحزاب اليسار خلال حملة انتخابات البرلمان الأوروبي.