اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارون رئيس التحرير محمود نفادي
تفجير البيجر.. متحدث أمريكا يعلق على هجمات إسرائيل تجاه لبنان رئيس جامعة الأزهر: مناهج كلياتنا تعتمد على محاربة التطرف والإرهاب المرة الأولى.. لماذا يزور رئيس الإمارات أمريكا الاثنين المقبل؟ سفراء ١٠٠ دولة.. وكيل الأزهر: نقدم أفضل الخدمات للطلاب الوافدين تعقيبا على حديث الإمام الأكبر عن تفضيل بعض أنبياء الله.. «الأزهر للفتوى»: اجتزاء الكلمات من سياقها لتحويل معناها افتراء وتدليس ينافي الأمانة وزير التعليم المصري يحدد الشكل الجديد للثانوية العامة.. تعديل المناهج ومنع الغش والحضور قطر توقع اتفاقية تنظيم ”الترانزيت” بين الدول الأعضاء بالجامعة العربية وزير الشؤون الإسلامية السعودي: الخطاب الملكي يُجسّد المواقف الثابتة لنصرة القضايا الإسلامية مرصد الأزهر ينظم ندوة توعوية للطالبات لتحصينهن ضد الأفكار المتطرفة اختيار 43 أستاذا بالأزهر بقائمة أفضل 2 % من المؤثرين في العلوم الرئيس الفلسطيني يعلق على قرار الأمم المتحدة بشأن الاحتلال الإسرائيلي أكاديمي عراقي: دعوة شيخ الأزهر تحمل رؤية صادقة.. تعرف عليها

ممر لوبيتو.. معركة النفوذ الأمريكية في قلب إفريقيا

ممر لوبيتو
ممر لوبيتو

في ظل تزايد النفوذ الصيني في إفريقيا، الذي تجلى في مشاريع البنية التحتية والتنمية على مدى العقدين الماضيين، تسعى الولايات المتحدة حاليًا لتعزيز وجودها في القارة، خصوصًا في قطاع المعادن الإستراتيجية. يأتي ذلك من خلال مشروع ممر لوبيتو، الذي يُعد من أكبر المبادرات الأمريكية في إفريقيا. أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن في سبتمبر 2023، خلال قمة مجموعة العشرين، عن دعم مشروع ممر لوبيتو الذي يربط ثروات الكونغو الديمقراطية وزامبيا من الكوبالت والنحاس بالأسواق الأوروبية والأمريكية عبر ميناء لوبيتو في أنجولا.

يرمي المشروع إلى تقديم نموذج بديل للتعاون بين الولايات المتحدة والدول الإفريقية، واستثمار رأس المال الخاص في البنية التحتية، والتكنولوجيا الرقمية، وأمن الطاقة. يشمل المشروع تجديد خط سكة حديد بنجويلا وإنشاء خط سكة حديد جديد في زامبيا، باستثمارات تصل إلى 550 مليون دولار. يعتبر هذا المشروع الأكبر من نوعه بالنسبة للولايات المتحدة في إفريقيا، ويركز على تقليل الاعتماد الغربي على الصين في المعادن الإستراتيجية.

يمثل ممر لوبيتو أيضًا أداة من أدوات القوة الناعمة الأمريكية، حيث يسعى لتوسيع الشراكات الاقتصادية مع الدول الإفريقية. في الوقت نفسه، يتجلى التنافس الجيوسياسي بين واشنطن وبكين، حيث تسعى الصين لتعزيز سيطرتها على سلاسل توريد المعادن عبر مبادرة الحزام والطريق. رغم أن مبادرة ممر لوبيتو تعكس تحركًا أمريكيًا نحو منافسة النفوذ الصيني، إلا أن نجاحها يعتمد على قدرتها على التغلب على التحديات الكبيرة، بما في ذلك التأكد من جدوى المشروع تجاريًا، وتلبية احتياجات السوق الإفريقية والعالمية بشكل فعال.

بدأ بناء هذا الخط الحديدي في 28 نوفمبر 1902م، واكتمل في عام 1931م، وذلك بسبب الطبيعة الجغرافية الصعبة التي واجهتها، وبتمويل من البريطانيين بموجب عقد إيجار لمدة 99 عامًا من الحكم الاستعماري البرتغالي.

وكان الغرض منه إنشاء شبكة من خطوط السكك الحديدية لنقل النحاس والكوبالت من المناجم في البلدان الثلاثة: أنجولا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وزامبيا. ظل ممر لوبيتو يعمل بكفاءة لسنوات عديدة، وأسهم بشكل كبير في دعم الاقتصاد المحلي، حيث أسهم في نقل البضائع بما في ذلك خام النحاس والمعادن الأخرى من المناطق الداخلية، بالإضافة إلى نقل المحاصيل من المناطق الزراعية الواقعة في ممر لوبيتو، في مقاطعات بنجويلا وموكسيكو، حتى اندلعت الحرب الأهلية في أنجولا، والتي تزامنت مع نهاية الاستعمار البرتغالي في عام 1975م.

أدت ويلات الحرب الأهلية في أنجولا -التي دامت 27 عامًا- إلى جانب الانهيار الدائم للقانون والنظام داخل الكونغو؛ إلى توقف حركة البضائع على خط بنجويلا منذ منتصف السبعينيات. وتم تدمير معظم البنية التحتية للسكك الحديدية، وخاصة داخل أنجولا. وبانتهاء مدة الامتياز القانوني في 28 نوفمبر 2001م –الذي دام 99 عامًا- عادت الأراضي والبنية التحتية إلى حكومة أنجولا، وذلك بالتزامن مع نهاية الحرب الأهلية، إلا أن نسبة التشغيل الفعلي لم تتجاوز 3% من إجمالي طول الشبكة. وبفضل استثمارات صينية وصلت إلى ملياري دولار تم تجديد خط سكة حديد بنجويلا خلال الفترة من عام 2006م حتى عام 2014م، وتم تسليم المشروع رسميًّا في أكتوبر 2019م.

التزمت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون بتمويل خط سكة حديد لوبيتو الأطلسي الحالي، بالإضافة إلى خط سكة حديد جديد سيربط أنجولا وزامبيا. ويتضمن نطاق المشروع سلسلة من الطرق والجسور والاتصالات والطاقة والزراعة.

ومنحت الحكومة الأنجولية امتيازًا لمدة 30 عامًا إلى تحالف “لوبيتو أتلانتيك” للسكك الحديدية في 4 يوليو 2023م، وهو تحالف يضم شركة التجارة السويسرية “ترافيجورا Trafigura “، ومجموعة البناء البرتغالية “موتو انجيل Moto-Engil “، وشركة السكك الحديدية البلجيكية المتخصصة “فيكتوريس Vecturis”، مع إمكانية تمديد فترة الامتياز لمدة 20 عامًا إضافية إذا تم استيفاء شروط الاستثمار. وخصَّص التحالف ما يزيد على 450 مليون دولار في أنجولا لتحديث البنية الأساسية للسكك الحديدية، إلى جانب استثمار 100 مليون أخرى في الكونغو الديمقراطية وزامبيا، وبعد التطوير ستتمكن السكة الحديد من نقل 5 ملايين طن من البضائع سنويًّا قادمة من الكونغو الديمقراطية وزامبيا. ويُعد ذلك المشروع أكبر استثمار أمريكي في البنية التحتية في إفريقيا من خلال تقديم واشنطن دعمًا بقيمة 250 مليون دولار، مع تمويل إضافي من الاتحاد الأوروبي ومؤسسات التنمية الدولية الأخرى.

ويتضمن المشروع بناء ما يقرب من 550 كيلو مترًا من خطوط السكك الحديدية في زامبيا، من حدود جيمبي إلى تشينجولا في حزام النحاس الزامبي، إلى جانب 260 كيلو مترًا من الطرق الفرعية داخل الممر.

الأهمية الإستراتيجية لممر لوبيتو:

ترجع أهمية مشروع ممر لوبيتو لعدة أسباب؛ من أهمها ما يلي:

– الكوبالت والليثيوم معادن إستراتيجية للولايات المتحدة

يشير المشروع إلى التنافس الجيوسياسي بين القوى العظمى في العالم وسط التحول العالمي الجاري من الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة النظيفة؛ ولذا فإن المعادن الحيوية تجلب أبعادًا جديدة لأمن الطاقة بالنسبة للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وربط حزام النحاس في وسط إفريقيا -وهي منطقة كبيرة غنية بالنحاس تضم جزءًا من جمهورية الكونغو الديمقراطية وزامبيا- بالمحيط الأطلسي هو وسيلة للحدّ من اعتماد الغرب على الصين في المعادن الرئيسية المستخدَمة في إنتاج السلع الاستهلاكية والتكنولوجيات العسكرية. وبالتالي، فإنّ مشاركة الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين في مشروع ممر لوبيتو تشير إلى استعداد واشنطن المتزايد لاستخدام المنافسة بين القوى العظمى كإطار تنظيمي للسياسة الخارجية.

كما قدرت وكالة الطاقة الدولية أن الطلب على النيكل والكوبالت سيزداد بين عامي 2020م و2040م بمقدار عشرين مرة، وعلى الليثيوم بأكثر من أربعين مرة. وقد أدَّى هذا الارتفاع المتوقع في الطلب على المعادن الإستراتيجية إلى إثارة اهتمام كبير بممر لوبيتو، ومعه تدافع حتمي للوصول إلى هذا الممر. وقد وجدت جمهورية الكونغو الديمقراطية نفسها، باعتبارها أكبر مُنتِج للكوبالت (تنتج نحو 70% من الكوبالت في العالم)، في مركز هذا التدافع، وكذلك زامبيا. كما تمتلك أنجولا 32 من أصل 51 معدنًا حيويًّا ضروريًّا للتحول الأخضر لاستخدامها في السيارات الكهربائية والألواح الشمسية. وفي حين أن البترول هو الواردات الرئيسية للطاقة من أنجولا، إلا أنها تتنافس أيضًا على عقود استكشاف المعادن هناك.

كما يُعدّ الممر علامة فارقة مهمة لأنجولا وجيرانها غير الساحليين؛ حيث سيتم تصدير المعادن الإستراتيجية والسلع الأساسية من داخل القارة إلى الأسواق العالمية من خلال ممر لوبيتو بطرق أكثر سرعة وأفضل كفاءة. بدلاً من الاعتماد على الطريق الشرقي التقليدي عبر ميناء دار السلام في تنزانيا أو بيرا في موزمبيق أو ديربان في جنوب إفريقيا، وهو ما ينطوي على أوقات تسليم طويلة وتكاليف نقل عالية.

– الممر أداة من أدوات القوة الناعمة الأمريكية في القارة

يُمثّل مشروع لوبيتو جزءًا من رؤية الولايات المتحدة لإنشاء شراكات اقتصادية متبادلة المنفعة مع الدول الإفريقية، وذلك بهدف تعزيز الن

مو الاقتصادي المستدام في القارة.