أنفاق حزب الله.. سلاح تحت الأرض يهدد استقرار إسرائيل من الشمال
في الآونة الأخيرة، أثار حزب الله جدلاً واسعاً بعد نشره لمقطع فيديو يُظهر نموذجاً من شبكة أنفاق مهيبة تتضمن منصات لإطلاق الصواريخ وأسلحة ثقيلة، وفقاً للصور المتاحة. هذا الفيديو، الذي يمتد لأربع دقائق ويشمل مؤثرات صوتية وضوئية، يعرض منشأة تُدعى "عماد 4" المحصنة، حيث يظهر عناصر مسلحون وآليات محملة بالصواريخ ودراجات نارية تسير في أنفاق واسعة ومضاءة، وقد جاء بعنوان "جبالنا خزائننا".
رغم الحرب المستمرة بين إسرائيل وحماس في غزة منذ الهجمات التي وقعت في السابع من أكتوبر، لا يزال الخبراء الإسرائيليون يعتبرون أن التهديد الأكبر يكمن في شمال لبنان، حيث طوّر حزب الله شبكة أنفاق متطورة. تقرير صادر عن "فوكس نيوز" يكشف أن حزب الله، المدعوم من إيران منذ فترة طويلة، قام ببناء شبكة من الأنفاق تمتد لأكثر من 100 ميل في جنوب لبنان على مدار العقدين الماضيين.
ورغم معرفة الوجود الطويل للأنفاق، فقد تأكدت أهميتها مجدداً خلال الحرب بين إسرائيل وحماس، حيث استخدمت حماس الأنفاق لإعادة التسليح والقدرة على المناورة، فضلاً عن إيواء المحتجزين الذين اختطفتهم حماس قبل نحو عام. وعلى الرغم من نجاح قوات الدفاع الإسرائيلية في تدمير حوالي 80% من أنفاق حماس، فإن أنفاق حزب الله، التي لم تتعرض تقريباً للتدمير منذ بدء الحرب في غزة، تعتبر أكثر تطوراً بكثير، بحسب تقرير "فوكس نيوز" نقلاً عن مركز "ألما" للأبحاث.
ويشير التقرير إلى أن حزب الله بدأ حفر أنفاقه بعد حرب لبنان الثانية في عام 2006، بتعاون وثيق مع إيران وكوريا الشمالية، التي استفادت طهران من تجربتها في حفر الأنفاق التي طورتها في أعقاب الحرب الكورية. ورغم أن الأنفاق التي حفرتها كوريا الشمالية لم تحقق أهدافها، إلا أن حزب الله تبنى نفس الاستراتيجية في بناء شبكة تحت الأرض.
تتضمن أنفاق حزب الله نوعين: "أنفاق هجومية" و"أنفاق للبنية التحتية". الأنفاق الهجومية تُستخدم لأغراض مشابهة لتلك التي استخدمتها كوريا الشمالية، وقد اكتشف الجيش الإسرائيلي ما لا يقل عن ستة منها خلال عملية درع الشمال في ديسمبر 2018. أما الأنفاق الأخرى، فتخدم كشبكة تحت الأرض في القرى اللبنانية الجنوبية وتُعد خط الدفاع الأول ضد الهجمات الإسرائيلية.
وفقاً لتقرير "ألما"، فإن بعض الأنفاق يمكنها نقل مركبات ودراجات نارية، بينما يتم تجهيزها بغرف قيادة وتحكم، ومستودعات أسلحة، وعيادات ميدانية، وأعمدة لإطلاق الصواريخ من جميع الأنواع، مما يجعل اكتشافها فوق الأرض أمراً صعباً. كما يُعتقد أن هذه الأنفاق تربط بين العاصمة بيروت وقاعدة حزب الله في وادي البقاع بالقرب من الحدود السورية.
وبحسب الباحث بواز شابيرا من مركز "ألما"، فإن حزب الله يحرص على الحفاظ على سرية مواقع الأنفاق وبنيتها من خلال مصادرة الأراضي ومنع المدنيين من دخول المناطق المشبوهة. وأضاف شابيرا أن حزب الله يتمتع بدعم كبير من جزء كبير من اللبنانيين، ويعتبر أقوى تنظيماً وتمويلاً من الحكومة اللبنانية، مما يجعله تهديداً كبيراً لإسرائيل.
فيما أشار اللواء المتقاعد يعقوب عميدرور إلى ضرورة تبني إسرائيل نهجاً استباقياً لمواجهة حزب الله، محذراً من أن أي عملية عسكرية ضد الحزب ستكون مدمرة بشكل كبير لكل من إسرائيل ولبنان، نظراً لأن الأنفاق مخبأة في مناطق سكنية. وأضاف أن التصدي لهذه التهديدات يتطلب استراتيجيات دقيقة، نظراً لتعقيد الوضع والتحديات الكبيرة التي يطرحها قتال الجماعات المسلحة في مناطق ذات كثافة سكانية عالية.