أزمة إنسانية في السودان.. المتطوعون في مواجهة خطر هجمات الدعم السريع
يعاني السودان من أسوأ أزمة جوع في العالم، حيث يستمر الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية في التأثير سلبًا على قدرة المتطوعين المحليين على تقديم المساعدات الضرورية. منذ بداية النزاع قبل 17 شهرًا، أفاد متطوعون بأنهم تعرضوا لهجمات من الطرفين، مما عرقل جهودهم لتغذية الفئات الأكثر احتياجًا.
العديد من المتطوعين فروا من مناطقهم خوفًا من التهديدات بالاعتقال أو العنف، مما أدى إلى توقف المطابخ الخيرية، المعروفة محليًا باسم "التكايا"، عن تقديم الوجبات لفترات طويلة. تشير التقديرات إلى أن مئات الأشخاص يموتون يوميًا من الجوع والأمراض المرتبطة به في السودان.
تحدثت وكالة "رويترز" مع 24 متطوعًا من ولايات الخرطوم ودارفور وأجزاء من الشرق، حيث أفادوا بأن الملايين فقدوا منازلهم وسبل عيشهم بسبب الصراع. في حين كثفت المنظمات الإنسانية الدولية دعمها للمتطوعين، أصبحت هذه الجهود عرضة للنهب من قبل قوات الدعم السريع.
قال جهاد صلاح الدين، وهو متطوع غادر الخرطوم، إن الوضع كان أكثر أمانًا قبل أن تكتشف قوات الدعم السريع تمويل المطابخ، مشيرًا إلى أنهم يرونها مصدرًا للطعام. وقد تعرض عدد من المتطوعين لهجمات من قبل الطرفين، مع استمرار هذا الاتجاه في التصاعد.
أحد المتطوعين في منطقة بحري، التي تُعتبر جزءًا من العاصمة، قال إنه تعرض للسرقة من قبل جنود يرتدون زي قوات الدعم السريع. وأفاد بأنه تمت سرقة أمواله المخصصة للغذاء، بالإضافة إلى هاتفه الذي كان يستخدمه لتلقي التبرعات.
تزايد الهجمات على المتطوعون
تزايدت الهجمات على المطابخ، حيث وصف المتطوعون أكثر من 25 واقعة استهدفتهم منذ يوليو، بما في ذلك السرقات والاعتقالات. وفي سبتمبر، قُتل ثلاثة متطوعين في هجمات مسلحة، فيما تظل هويات المهاجمين غامضة.
أكد مدير برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أن هذه المطابخ تمثل شريان حياة للعديد من السكان الذين يعيشون في مناطق النزاع. ومع ذلك، لم يتلق الجيش السوداني ولا قوات الدعم السريع أسئلة حول هذه الأحداث، لكنهم نفوا في السابق استهداف فرق الإغاثة.
حالياً، يعاني أكثر من نصف سكان السودان، أي حوالي 25.6 مليون شخص، من الجوع الحاد، مما يضاعف الحاجة للمساعدات. تزايدت أعداد المطابخ المحلية منذ بداية النزاع، حيث كانت تقدم وجبات مجانية للمحتاجين. لكن مع تراجع التمويل وارتفاع أسعار المواد الغذائية، اضطر العديد منها لتقليل عدد الوجبات المقدمة.
في أغسطس، حذرت هيئة عالمية من أن الصراع والقيود المفروضة على إيصال المساعدات تسببت في تفشي المجاعة في مخيم زمزم. ومع ارتفاع حالات الإصابة بأمراض مثل الكوليرا والملاريا، تزداد الضغوط على المتطوعين، الذين يحتاجون إلى تمويل مستمر لدعم جهودهم.
تتجه الأنظار الآن إلى المجتمع الدولي لتقديم الدعم، مع دعوات لتحسين الأمان للمتطوعين وضمان وصول المساعدات إلى من يحتاجها بشدة. إن العمل الإنساني في السودان يواجه تحديات كبيرة، لكن الإصرار والتفاني من جانب المتطوعين لا يزال يمثل أملًا لملايين الأشخاص الذين يعتمدون على هذه الجهود للبقاء على قيد الحياة.