زيارة أردوغان المرتقبة إلى دمشق.. هل تسعى تركيا للعب دور محوري في سوريا الجديدة؟
مع اقتراب الزيارة المرتقبة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى دمشق، تطرح تساؤلات حول الدور الذي تخطط تركيا للعبه في سوريا بعد التغيير الذي شهدته البلاد. إذا تمت الزيارة كما هو مقرر، سيصبح أردوغان أول رئيس دولة إقليمية يلتقي القيادة السورية الجديدة بعد سقوط نظام بشار الأسد. تأتي هذه الزيارة عقب مجموعة من التحركات الدبلوماسية التركية التي تمهد الطريق لهذا اللقاء، مثل زيارة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إلى دمشق، بالإضافة إلى إعادة فتح السفارة التركية في العاصمة السورية، لتكون أول سفارة أجنبية تعود إلى دمشق بعد التغيير الذي شهدته البلاد.
دور محوري في إعادة تشكيل سوريا
تتزايد التوقعات بأن تركيا تسعى للعب دور محوري في إعادة تشكيل المشهد السياسي والأمني في سوريا. ويؤكد المحللون أن التحركات التركية الأخيرة تشير إلى رغبة أنقرة في بناء "شبكة أمان" لدعم النظام السوري الجديد. وفقًا لأستاذ الدراسات العثمانية، الدكتور محسن فلاح الأحمدي، فإن هذه الشبكة تشمل إعادة هيكلة الجيش السوري، تطوير الأجهزة الأمنية، تنظيم المحافظات والبلديات، والمشاركة في ورش إعادة الإعمار واستعادة اللاجئين السوريين.
وفي تصريحاته الصحفية، أشار الدكتور الأحمدي إلى دلالات رمزية في هذه التحركات، مثل اللقاء الذي جمع بين القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع ووزير الخارجية التركي هاكان فيدان على قمة جبل قاسيون، مما يعكس مؤشرات على دور تركي واسع النطاق في سوريا في المرحلة المقبلة. ويرى الأحمدي أن هذه التحركات قد تحمل "روائح مشروع إحياء النفوذ العثماني"، ويضيف أن تركيا قد تسعى إلى استعادة مكانتها كـ "راعي" لسوريا في مشهد قد يشبه الوصاية السياسية، ولكن تحت مسميات معاصرة.
هدية أم فخ؟
على الجانب الآخر، يحذر المحلل السياسي والدبلوماسي السابق جهاد نويّر من أن ما قد يبدو وكأنه "هدية" للرئيس أردوغان قد يتحول إلى "هدية ملغومة". يشير نويّر إلى أن التحديات التي تواجه تركيا في سوريا الجديدة، مثل قضية المشروع الكردي في الشمال السوري، قد تشكل عبئًا ثقيلًا على أنقرة. فحزب الاتحاد الكردستاني وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة من الولايات المتحدة يعتبران مصدر قلق دائم لأنقرة، مما قد يجعل تركيا تدفع ثمنًا باهظًا في محاولة لحل هذه الأزمة.
وأضاف نويّر أن أردوغان يتصرف حاليًا بروح المنتصر، خاصة بعد تحقيقه تقدمًا في الملفات السورية على حساب روسيا وإيران. وهو ما يتضح من تصريحات وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، الذي حذر موسكو وطهران من الاستمرار في دعم الأسد، مؤكدًا أن القضية السورية أصبحت خاسرة بالنسبة لهما. كما أن المواقف الأخيرة لنظام الأسد، بما في ذلك هروبه إلى روسيا، قد عززت هذا الشعور بأن تركيا في موقف قوي يسمح لها بالمضي قدمًا في أجندتها الخاصة دون الانتباه إلى مصالح الأطراف الأخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة.
سيناريوهات مفتوحة
رغم أن التحركات التركية في سوريا تبدو محسوبة حتى الآن، فإن هناك مخاوف من أن تكون هذه الخطوات محفوفة بالمخاطر، بحسب ما أكده كل من الدكتور محسن فلاح الأحمدي وجهاد نويّر. في تصريحات صحفية، حذرا من أن هذه التحركات قد تتحول إلى "طوفان" يمتد أثره إلى كافة أنحاء المنطقة، بما في ذلك تركيا نفسها. في ظل هذه التطورات، يظل السؤال قائمًا: هل تسعى تركيا إلى جلب الاستقرار لسوريا كجار مستقر، أم أن لها طموحات أكبر في إعادة رسم خارطة النفوذ في المنطقة؟