حرب الظلال.. كيف اغتالت إسرائيل فؤاد شكر وكشفت خفايا حزب الله؟
تستمر خفايا الحرب الأخيرة بين إسرائيل وحزب الله في التكشُّف مع تسريبات جديدة تُظهر حجم التغلغل الاستخباراتي الإسرائيلي في صفوف الحزب، مما يفتح أبوابًا لفهم أعمق لطبيعة الصراع بين الجانبين. كشف تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، نقلاً عن جهاز الموساد الإسرائيلي، تفاصيل مثيرة حول حياة أحد أبرز قادة حزب الله، فؤاد شكر، الذي أصبح هدفًا رئيسيًا لإسرائيل خلال الصيف الماضي.
حياة شكر: من الجبهة السياسية إلى الجبهة الشخصية
وفقًا للتقرير، تمكَّن جهاز الموساد من جمع معلومات دقيقة وشاملة عن حياة فؤاد شكر، بما في ذلك تفاصيل حياته الشخصية وعلاقاته العاطفية التي بدت نقطة ضعف مهمة في تحركاته. حسب التسريبات، كان شكر على علاقة بأربع نساء، وهو ما دفعه إلى شعور متزايد بالذنب، ليقرر اتخاذ خطوة جريئة بالزواج منهن جميعًا.
في خطوة غير معتادة، عقد شكر قرانه على النساء الأربع في حفلات منفصلة عبر الهاتف، بناءً على نصيحة من هاشم صفي الدين، أحد القادة البارزين في حزب الله، وهو ما يعكس تأثير هذه العلاقة على اتخاذ قراراته داخل الحزب.
هدف استراتيجي: التغلغل الإسرائيلي داخل صفوف حزب الله
رغم مكانته القيادية البارزة في حزب الله، كان شكر يُعتبر من القادة الذين يصعب تتبعهم أو الحصول على معلومات دقيقة بشأن تحركاتهم. وبذلك، كان هدفًا استراتيجيًا لجهاز الموساد الإسرائيلي. تكشف التسريبات أن جهود الموساد خلال الصيف الماضي كانت مركزة بشكل رئيسي على مراقبة تحركات شكر وجمع معلومات حول تفاصيل حياته الخاصة. بعد أشهر من الجهود الاستخباراتية الدقيقة، تمكَّن الجيش الإسرائيلي من اغتياله في غارة جوية على جنوب بيروت في يوليو 2023، وهو ما شكل ضربة قوية لحزب الله.
تأثير الاغتيال: ضربة استراتيجية لحزب الله
كان اغتيال فؤاد شكر بمثابة ضربة مؤلمة لحزب الله، الذي اعتبره أحد أبرز القادة وأكثرهم تأثيرًا في اتخاذ القرارات الاستراتيجية. وتُظهر هذه الحادثة حجم التغلغل الإسرائيلي العميق داخل صفوف الحزب، حيث استغرق الأمر عقودًا من العمل الاستخباراتي لجمع معلومات دقيقة حول تحركاته وأفعاله.
لكن الأهم من ذلك هو كيف أن هذا النوع من الحرب الاستخباراتية لا يقتصر فقط على جمع المعلومات العسكرية أو الاستراتيجية، بل يمتد ليشمل حياة القادة الشخصية، ما يبرز الحرب غير المرئية التي تدور بين الطرفين، والتي تتسم بالتجسس والمراقبة على مدار الساعة.
التجسس على الحياة الخاصة: سلاح غير تقليدي في الحروب الاستخباراتية
ليس من المألوف أن تركز أجهزة الاستخبارات على الحياة الشخصية لقادة الأحزاب السياسية أو العسكريين، لكن ما تكشفه هذه التسريبات يعكس تحولًا في طريقة الحرب الاستخباراتية، حيث أصبحت الحياة الشخصية جزءًا لا يتجزأ من المعركة بين إسرائيل وحزب الله. تلك المعلومات الشخصية، مثل تفاصيل العلاقات العاطفية أو القرارات العائلية، أصبحت أدوات تستخدم لتعميق التغلغل والضغط على الشخصيات القيادية، ما يبرز تكتيكًا معقدًا يدمج الحياة الخاصة مع الصراع السياسي والعسكري.
إن اغتيال فؤاد شكر ونجاح الموساد في توجيه ضربة قاسية لحزب الله يسلطان الضوء على كيفية تحوّل الحرب إلى حرب من نوع مختلف، تتمحور حول المعلومات الاستخباراتية الدقيقة التي تشمل كل جوانب الحياة، بل وتسعى لتحقيق أهداف استراتيجية من خلال استغلال الثغرات الشخصية لأعداء الدولة.