من اللحية إلى القانون.. تكتيك طالبان لفرض السيطرة على المجتمع الأفغاني
خلال فترة حكمها الأولى بين عامي 1996 و2001، فرضت حركة "طالبان" على مواطنيها إطلاق اللحى، وواجه من خالف هذا الأمر بالعقوبات من الجلد أو السجن.
مؤخراً، أعلنت وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التابعة لحركة "طالبان" عن فصل 281 عنصراً من قواتها الأمنية لعدم التزامهم بإطلاق اللحى، بالإضافة إلى توجيههم بتغيير تسريحات شعر 450 عنصراً آخرين وفقاً للقوانين الشرعية، ورفع قضايا ضد من ارتكبوا انتهاكات إلى المحاكم العسكرية.
في 21 أغسطس الجاري، أعلنت وزارة العدل في نظام "طالبان" أن زعيم الحركة، الملا هبة الله أخوند زاده، قد وقع على قانون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الذي أصبح ساري المفعول في جميع أنحاء أفغانستان. ينص هذا القانون على فرض عقوبات على الأشخاص الذين يخالفونه، ويحظر على الرجال حلق لحاهم أو قصها أو تغيير تسريحات شعرهم بما يتعارض مع الشريعة الإسلامية، ويُتهم المخالفون بـ"مساعدة الكفار والتشبه بهم".
كما أصدرت حركة "طالبان" تعليمات لأصحاب الصالونات الرجالية بضرورة الامتناع عن حلق أو قص لحى الزبائن، مؤكدة أن هذه الأوامر تتماشى مع أحكام الشريعة الإسلامية. ويشترط القانون على الرجال إطلاق لحى بطول قبضة اليد تحت الذقن، وعدم حلقها.
وقد تم فصل عدد من عناصر الأمن السابقين الذين عملوا مع نظام "طالبان" بسبب عدم التزامهم بإطلاق اللحى. وأوضح أحد الضباط الذين كانوا يعملون مع الحركة بسبب مشكلات مالية، أنه لم يستطع الالتزام بهذا الأمر، مما دفع القائد إلى إخباره بعدم إمكانية بقائه في الوحدة بسبب عدم وجود لحية لديه، مضيفاً أن "طالبان" أخبرته بأنه ليس مسلماً حقيقياً.
وقال الضابط نفسه إن "طالبان" طلبت من 10 من زملائه عدم العودة إلى العمل بسبب نفس السبب، مشيراً إلى أن بعضهم كانوا رجالاً في منتصف العمر ولديهم خبرة كبيرة، لكنهم طردوا فقط لأنهم لم يكن لديهم لحى.
تتولى وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مسؤولية مراقبة مظهر وملابس موظفي المؤسسات العسكرية وغير العسكرية التابعة لنظام "طالبان". ويقوم مسؤولو الوزارة بزيارات دورية للمكاتب والمؤسسات الحكومية لضبط الملابس واللحى وتسريحات الشعر.
وقال مصدر في مكتب حكومي في ولاية هرات إن "طالبان" حذرت الموظفين من الطرد إذا لم يرتدوا الملابس التقليدية المحلية أو يطلقوا لحاهم. وأضاف أن "طالبان" لم تهتم باللحى في بداية حكمها، لكنها بدأت في زيادة الضغوط تدريجياً على الموظفين، مشيراً إلى أن الحركة قد تسعى إلى إجبار موظفي الحكومة على الاستقالة لتوظيف عناصرها بدلاً منهم.
يعتبر محمود، الذي يعتمد على راتبه الحكومي كمصدر دخله الوحيد، أن إطالة لحيته ضرورية للتوافق مع رغبات "طالبان". وأضاف محمود، "أعتقد أن حكومة طالبان ستنهار وسنستعيد حريتنا لنعيش كما نريد. طالبان تجعل الحياة صعبة على الأفغانيين وتدخل في كل تفاصيل حياتهم. إطالة اللحية أو عدمها هو مسألة شخصية ولا يجب فرضها على الناس".
مرت ثلاث سنوات على حكم "طالبان"، ومع ذلك تزداد الضغوط على المواطنين بشكل يومي، حيث استمرت الحركة في انتهاك بعض الحريات المدنية عبر إصدار عدد من المراسيم. وكانت الحركة قد فرضت في فترة حكمها الأولى إطلاق اللحى، وتعرض من حلقها للعقوبات القاسية. وعقب انهيار نظام "طالبان" بعد الهجوم الذي شنته قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، احتفل العديد من الأفغان بحلق لحاهم كرمز لانتهاء حكم "طالبان".