اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارون رئيس التحرير محمود نفادي

شرق السودان على صفيح ساخن.. تصاعد صراع المليشيات يهدد الإقليم بحرب شاملة

شرق السودان
شرق السودان

يعيش شرق السودان حالة من التوتر المتصاعد مع احتدام الصراع بين مليشيات محلية وحركات دارفور المسلحة، ما يهدد الاستقرار الهش للإقليم. الأزمة المتفاقمة، التي وصفها مراقبون بأنها صراع مصالح على السلطة والثروة، تضع المنطقة على أعتاب كارثة إنسانية وأمنية قد تمتد آثارها إلى بقية البلاد.

خلفيات الأزمة.. صراع النفوذ والوجود
يدور النزاع الحالي بشكل أساسي بين "القوة المشتركة" التابعة لحركات دارفور المسلحة ومليشيات من شرق السودان، بقيادة شخصيات مثل شيبة ضرار، رئيس تحالف أحزاب شرق السودان. يأتي هذا في ظل ظهور تيارات أخرى، مثل "تيار الشباب البجاوي الحر"، الذي يتحدث باسم قومية البجا، الأكثر انتشارًا في الإقليم.

يشير هذا التيار في بياناته إلى أن وجود حركات دارفور المسلحة في شرق السودان أصبح يشكل خطرًا على أمن واستقرار الإقليم. وأعلن في بيان، تلقت "إرم نيوز" نسخة منه، عن عزمه إغلاق حدود الإقليم بالكامل حتى ترحل هذه الحركات. وأضاف البيان أن "وجود الحركات المسلحة القادمة من خارج الإقليم يمثل تهديدًا للنسيج الاجتماعي الذي يقوم على التعايش السلمي".

وأكد التيار أنه لا ينكر التضحيات التي قدمتها حركات دارفور المسلحة لصالح السودان، لكنه يرى أن وجودها في شرق السودان دون تنسيق أو تنظيم قد يجر المنطقة إلى اضطرابات غير مرغوب فيها.

تصريحات مناوي تزيد النار اشتعالاً
في خضم هذا التوتر، جاءت تصريحات حاكم إقليم دارفور ورئيس حركة تحرير السودان، مني أركو مناوي، لتصب الزيت على النار. هاجم مناوي قيادات الجيش السوداني، ملمحًا إلى مسؤوليتهم عن الحملة الإعلامية ضد حركات دارفور المسلحة.

من جانبها، كشفت الصحفية رشان أوشي، المقربة من الجيش السوداني، معلومات عن اجتماع مزعوم عقده قادة حركات دارفور المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا للسلام، ناقشوا فيه مطالبهم بحصة أكبر في السلطة الانتقالية، تشمل حقائب وزارية سيادية ومنصبي رئيس الوزراء والنائب الأول لرئيس مجلس السيادة.

"الأورطة الشرقية".. أداة ضغط جديدة
ضمن تطورات النزاع، برزت قوات "الأورطة الشرقية" بقيادة الأمين داؤود كقوة جديدة في المشهد. هذه القوات، التي تضم مقاتلين من قبيلة "البني عامر"، تلقّت تدريبات في معسكرات بإريتريا. وأعلنت انتشارها مؤخرًا في مدينة كسلا، ما أدى إلى تصاعد التوتر بينها وبين القوة المشتركة التابعة لحركات دارفور المسلحة.

يُنظر إلى "الأورطة الشرقية" كأداة ضغط تستخدمها قيادات الجيش السوداني لإضعاف حركات دارفور المسلحة، التي تطالب بنصيبها في السلطة والثروة. ويرى المحلل الأمني عادل بشير أن هذه المليشيات جاءت لتكون بديلًا للقوة المشتركة بعد أن طالبت الأخيرة بحصتها من مكاسب السلطة.

حلف بورتسودان.. تحالف المصالح الضيق
تتزامن هذه التطورات مع صراع داخل "حلف بورتسودان"، الذي يضم الجيش السوداني وحركات دارفور المسلحة ومليشيات محلية. وبحسب خالد عمر يوسف، عضو الهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية، فإن هذا الحلف لا يجتمع إلا على تقاسم الغنائم، دون اكتراث بالكلفة الإنسانية.

وأشار يوسف إلى أن "القوى المتصارعة تستثمر في الحرب بهدف إطالة أمدها لتحقيق مكاسب شخصية"، واصفًا النزاع بأنه "حرب إجرامية على السلطة يدفع ثمنها الشعب السوداني الأعزل".


مآلات مجهولة ومستقبل مظلم

مع تصاعد حدة النزاع وتداخل المصالح، يبدو أن شرق السودان مقبل على مرحلة جديدة من عدم الاستقرار. وبينما تسعى كل الأطراف لتعزيز نفوذها، يبقى المواطن السوداني ضحية لصراعات المصالح التي تنذر بمزيد من التفكك والخراب.

إذا لم يتمكن المجتمع الدولي والقوى الوطنية من التدخل لحل هذه الأزمة المعقدة، فإن شرق السودان قد يشهد حربًا شاملة تُفاقم الأوضاع المأساوية التي يعيشها السودان منذ اندلاع النزاع بين الجيش وقوات الدعم السريع.