إيران بين شبح الانهيار الداخلي والتحديات الإقليمية.. تنازلات حذرة أم مواجهة محتومة؟
تواجه إيران وضعًا داخليًا وإقليميًا معقدًا، مع تصاعد التوترات السياسية والاقتصادية التي تهدد استقرارها، في ظل مخاوف متزايدة من "سقوط النظام" على غرار ما حدث في سوريا. وفي خطوة غير مسبوقة، قرر المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني تعليق تنفيذ قانون "الحجاب والعفة"، الذي كان يفرض قيودًا صارمة على النساء، ما يعكس إدراك النظام لحجم التحديات المتفاقمة داخليًا وخارجيًا.
قانون "الحجاب والعفة".. بين الرفض الشعبي والحسابات السياسية
القانون الذي يلزم الفتيات فوق سن التاسعة بارتداء الحجاب ويشمل عقوبات قاسية مثل الغرامات الباهظة، الحبس، ومصادرة جوازات السفر، أثار موجة انتقادات واسعة داخل إيران. وكان من أبرز المنتقدين النائب السابق مسعود بزشكيان، الذي حذر من الانقسا
ويبدو أن ذكرى الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في عام 2022، عقب وفاة الشابة مهسا أميني، ما تزال حاضرة في أذهان صناع القرار الإيرانيين. هذا الخوف من تجدد الاحتجاجات دفع النظام إلى إعادة النظر في سياسته الاجتماعية، على أمل تخفيف الاحتقان الشعبي.
تداعيات أمنية داخلية.. قلق من "الفوضى" والانقسام
لم يقتصر التحذير من تداعيات القانون على النخب السياسية، بل امتد إلى المؤسسة الأمنية، حيث حذر قائد الحرس الثوري، حسين سلامي، من "فوضى متوقعة إذا لم يقاوم الجيش". هذه التصريحات تكشف عن قلق عميق داخل أروقة النظام من إمكانية تفجر الأوضاع الداخلية، خاصة مع تزايد الضغوط الاقتصادية واستمرار العقوبات الدولية.
التحديات الإقليمية.. تراجع النفوذ الإيراني في سوريا والعراق
على الصعيد الإقليمي، تواجه إيران تحديات متزايدة بفعل تراجع نفوذها في سوريا بعد الخسائر الإستراتيجية التي تكبدتها هناك. ضعف حلفائها، وعلى رأسهم حزب الله، يضعف قدرتها على الاحتفاظ بمواقعها الإقليمية التي كلفتها مليارات الدولارات على مدار العقد الماضي.
وفي العراق، تسعى الولايات المتحدة وحلفاؤها الإقليميون إلى تقليص النفوذ الإيراني عبر دعم إصلاحات سياسية واقتصادية، بالتزامن مع تصاعد الاستثمارات السعودية والإماراتية في هذا البلد الحيوي.
البرنامج النووي.. مناورة لكسب الوقت؟
أما على صعيد الملف النووي، فقد وافقت طهران على زيادة عمليات التفتيش في موقع "فوردو"، لكنها لم تقدم تفاصيل واضحة حول نطاق هذه العمليات. ويُعتقد أن هذه الخطوة تهدف إلى تهدئة الضغوط الدولية، خصوصًا مع اقتراب موعد إعادة فرض العقوبات الأممية في عام 2025، وسط تهديدات أمريكية وإسرائيلية بضرب المنشآت النووية الإيرانية.
أزمة اقتصادية خانقة.. القنبلة الموقوتة
تعمّقت الأزمة الاقتصادية في إيران مع ارتفاع معدلات الفقر، وتراجع مستوى المعيشة، وانقطاع عدد كبير من الطلاب عن الدراسة بسبب اضطرارهم للعمل لإعالة أسرهم. وزادت التلميحات برفع أسعار البنزين وتقليص الدعم الحكومي من حالة الاحتقان الشعبي، ما ينذر بانفجار اجتماعي في أي لحظة.
بين التنازلات والمواجهة.. مفترق طرق خطير
تجد إيران نفسها اليوم أمام خيارين حاسمين:
التنازلات السياسية والاجتماعية: عبر تخفيف القيود الداخلية، وتقديم مرونة في الملفات الإقليمية والدولية.
المواجهة الشاملة: مع المخاطر المتزايدة داخليًا وخارجيًا، والتي قد تؤدي إلى سيناريوهات أكثر تعقيدًا تهدد استقرار النظام.
وفي ظل هذه التحديات المتشابكة، يبدو أن النظام الإيراني بدأ في مراجعة حساباته، مدفوعًا بالخوف من انهيار داخلي على غرار ما حدث في سوريا، مع محاولات يائسة للحفاظ على التوازن في مشهد سياسي وإقليمي شديد التعقيد.