إيران توقف تطبيق قانون الحجاب.. بين الضغوط الداخلية والضغوط الدولية
أوقف مجلس الأمن القومي الإيراني، وهو أعلى هيئة أمنية في البلاد، تنفيذ قانون "العفة والحجاب" الذي أقرّه البرلمان الإيراني الأسبوع الماضي. القانون الذي يقضي بفرض غرامات مالية كبيرة بالإضافة إلى السجن على الفتيات غير الملتزمات بارتداء الحجاب، واجه انتقادات واسعة من قبل المجتمع الإيراني والمجتمع الدولي.
في تصريحات لوكالة "خبر أونلاين"، أعلن علي نيكزاد، نائب رئيس البرلمان الإيراني، أن المجلس الأعلى للأمن القومي أمر بوقف تنفيذ هذا القانون في الوقت الراهن. وكان من المتوقع أن يؤدي تطبيق هذا القانون إلى مزيد من التوترات داخل البلاد بسبب معارضته الواسعة، سواء من قبل المواطنين أو بعض المسؤولين.
إدانة أممية وتحذيرات محلية
القرار جاء بعد إدانة شديدة من خبراء حقوق الإنسان التابعين للأمم المتحدة الذين طالبوا بإلغاء القانون بشكل فوري، معتبرين أنه يشكل انتهاكًا للحقوق الأساسية للنساء. في الوقت نفسه، أشار علي ربيعي، المساعد الاجتماعي للرئيس الإيراني، إلى أن الرئيس مسعود بزشكيان كان قد وضع تطبيق قانون "العفة والحجاب" على جدول أعمال المجلس الأعلى للأمن القومي بسبب العواقب الاجتماعية المترتبة عليه.
كما تعرض مشروع القانون لانتقادات من داخل الحكومة الإيرانية. فقد قالت فاطمة مهاجراني، المتحدثة باسم الحكومة، إن القانون الذي أعدّه القضاء "لا يتناسب مع المجتمع الإيراني"، وهو ما يعكس الانقسام داخل الحكومة حول هذا الموضوع.
موقف الرئيس الإيراني
الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، الذي يعد من المنتقدين لقواعد اللباس في إيران، أبدى معارضته الشديدة لمشروع القانون، وهو ما قد يضعه في مواجهة مع المحافظين الأقوياء في البلاد. وعلى الرغم من هذا، فإن توقيع الرئيس على القانون يبدو أمرًا شكليًا إلى حد كبير، حيث أن هناك توقعات بأن يوقع عليه في المستقبل القريب لتفادي مواجهة مع المحافظين، رغم معارضته له.
محتوى القانون
القانون الذي أقرّه البرلمان الإيراني يتضمن فرض عقوبات صارمة ضد أي انتهاك للحجاب أو اللباس غير اللائق. وتشمل العقوبات الجديدة غرامات مالية، بالإضافة إلى السجن. كما يحدد "اللباس غير المناسب" بطرق متعددة، منها العري وارتداء ملابس غير محتشمة، فضلاً عن ارتداء الحجاب بشكل غير صحيح.
بالنسبة للنساء، يشمل القانون ارتداء الملابس الضيقة التي تكشف الجسم أسفل الرقبة، فوق الكاحلين، أو فوق الساعدين، بينما بالنسبة للرجال، يحظر كشف أي جزء من الجسم تحت الصدر وفوق الركبتين، وكذلك الكتفين.
التهديد بعصيان مدني
وقد حذر ناشطون سياسيون في إيران من أن تطبيق هذا القانون قد يؤدي إلى "عصيان مدني" واسع النطاق، معتبرين أن فرض هذا القانون يمثل "جريمة ضد نصف الشعب الإيراني". كما دعا هؤلاء السياسيون الرئيس مسعود بزشكيان إلى الوفاء بوعده بعدم تطبيق هذا القانون، في ظل المعارضة الواسعة التي يواجهها من مختلف أطياف المجتمع الإيراني.
في الختام، يشير قرار تعليق تنفيذ هذا القانون إلى حجم الضغوط الداخلية والدولية التي تواجهها الحكومة الإيرانية، ويعكس الانقسام بين الأطراف المختلفة في السلطة حول كيفية التعامل مع قضايا الحريات الشخصية في البلاد.