ترامب في ولايته الثانية: بين التحالف مع إسرائيل ومعادلة التوازن العالمي
مع اقتراب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من بدء ولايته الثانية، تبرز تساؤلات عديدة حول سياسته الخارجية، خاصة فيما يتعلق بإسرائيل، التي حظيت بدعم غير مسبوق خلال فترة ولايته الأولى. وبينما أظهر ترامب وإدارته السابقة انحيازًا واضحًا لإسرائيل عبر قرارات تاريخية، تبدو ولايته الثانية محفوفة بتحديات سياسية وجيوستراتيجية جديدة قد تجعل من الصعب تكرار هذه السياسة بسهولة.
إسرائيل.. الحليف المفضل أم عبء سياسي؟
لم يكن مستغربًا أن يكون رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أوائل المهنئين لترامب بفوزه الانتخابي، مشيدًا بـ"انتصاره التاريخي" وواصفًا إياه بأنه "التزام جديد وقوي بالتحالف بين إسرائيل وأمريكا". ويأتي هذا الترحيب في ظل قناعة إسرائيلية بأن ترامب كان داعمًا كبي
حقائق جديدة في الشرق الأوسط
لكن الظروف الجيوسياسية الحالية تشير إلى أن سياسة ترامب تجاه إسرائيل قد لا تكون بنفس السهولة السابقة. فقد أصبحت الولايات المتحدة تواجه منافسين أقوياء في الشرق الأوسط، من روسيا وإيران إلى الصين، مع تنامي تحالفات جديدة بينهم. وتضع هذه التحديات إدارة ترامب أمام مشهد سياسي معقد يتطلب إعادة ترتيب الأولويات بدلًا من مواصلة النهج السابق نفسه.
كما أن العلاقات المتوترة بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين بشأن السياسات الإسرائيلية قد تزيد من تعقيد الأمور، خاصة مع تزايد الانتقادات الأوروبية لسياسات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس.
الشرق الأوسط في قلب المواجهة الدولية
أحداث 7 أكتوبر والهجمات اللاحقة على إسرائيل كشفت ضعف قوة الردع الإسرائيلية وأظهرت أن الوضع لم يعد كما كان عليه. كما أن التقارب العسكري المتزايد بين إيران وروسيا والصين يهدد المصالح الأمريكية في المنطقة ويضع إسرائيل في موقف أكثر تعقيدًا.
ويبدو أن إيران أصبحت أكثر جرأة في تهديداتها، حيث عززت من نفوذها الإقليمي عبر وكلائها في اليمن ولبنان والعراق وسوريا. ويؤدي هذا إلى إضعاف النفوذ الأمريكي ويزيد من احتمالية تدخل عسكري أمريكي محتمل، وهو ما قد ترفضه الإدارة الأمريكية الجديدة بسبب المعارضة الداخلية في الكونغرس والخوف من تكرار الحروب المكلفة.
إسرائيل أولًا أم "أمريكا أولًا"؟
قد يكون التحدي الأكبر لترامب هو كيفية الموازنة بين دعمه التقليدي لإسرائيل وأولوياته الداخلية التي قد تتعارض مع الدخول في مغامرات عسكرية جديدة في الشرق الأوسط. فبينما يشير تاريخ تعييناته في ولايته الثانية إلى فريق مؤيد لإسرائيل بشدة، مثل ماركو روبيو ومايك والتز، هناك إشارات إلى أن ترامب لن يتردد في الضغط على إسرائيل إذا رأى أن سياساتها قد تجر الولايات المتحدة إلى صراع غير مرغوب فيه.
سيناريوهات محتملة للسياسة الأمريكية
وفقًا لموقع "ذا ناشيونال إنترست"، فإن هناك عدة سيناريوهات قد تتبناها إدارة ترامب الثانية:
تكثيف الضغوط على إيران: قد تعود الولايات المتحدة إلى سياسة "الضغط الأقصى" عبر فرض عقوبات جديدة، مع احتمال السماح لإسرائيل بشن ضربات محدودة على المنشآت النووية الإيرانية.
العمل نحو حل الدولتين: رغم أن هذا السيناريو يبدو بعيدًا، إلا أن ترامب قد يستغل الاتفاقيات الإبراهيمية للدفع نحو تسوية إسرائيلية فلسطينية مقابل مزيد من الاعتراف العربي بإسرائيل.
التركيز على الداخل: قد يتجه ترامب إلى خفض التورط الأمريكي في الشرق الأوسط، مفضلًا توجيه الموارد العسكرية نحو آسيا لمواجهة التهديد الصيني المتصاعد.
النتيجة: سياسة متغيرة في عالم جديد
مع بدء ولايته الثانية، لن يكون بمقدور ترامب ببساطة إعادة تكرار سياساته السابقة في الشرق الأوسط، بل سيتعين عليه التكيف مع التغيرات الجديدة التي فرضتها التحولات الجيوسياسية والمنافسة العالمية المتزايدة. وسواء اختار تعزيز الدعم المطلق لإسرائيل أو إعادة صياغة سياسته الإقليمية، سيبقى الشرق الأوسط تحديًا استراتيجيًا معقدًا يفرض على ترامب موازنة دقيقة بين المصالح الأمريكية والالتزامات التقليدية تجاه إسرائيل.