مركز رشاد الشوا الثقافي.. من رمزية الفن إلى مأوى للمشردين تحت الأنقاض في غزة
في قلب مدينة غزة، حيث كانت جدران "مركز رشاد الشوا" الثقافي يومًا ما شاهدة على الحياة الفنية والتنوع الثقافي، أصبح اليوم المكان مفعماً بالصمت والحزن، بعدما دمرته قذائف الاحتلال الإسرائيلي. وسط الأنقاض، يجلس خضر جنيد، الأب الذي اضطر إلى البحث عن مأوى لعائلته في هذا الصرح الذي كان يعد رمزاً للثقافة في القطاع.
منذ أن شنت إسرائيل عدوانها على قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023، تحول مركز رشاد الشوا من مركز حضاري يستقطب الفنانين والمثقفين إلى ملجأ للفارين من الموت. كان المركز، الذي تأسس في عام 1988، واحداً من أبرز الأماكن الثقافية في غزة، يضم مكتبة ضخمة ومسرحًا وقاعات للفعاليات الثقافية والمعارض. لكن اليوم، لا يتبقى من هذا التاريخ الثقافي سوى جدران متهدمة وركام.
يقول خضر جنيد، الذي نزح مع عائلته من شمال غزة إثر تدمير منزلهم: "نزحنا للمرة العاشرة، وهذه المرة إلى أنقاض هذا المركز المدمر. لم نحمل معنا أغطية ولا ملابس، فقط أرواحنا". وقد وجد جنيد وعائلته في الركام ملاذًا، حيث كان المركز في السابق مليئًا بالأنشطة الثقافية وحفلات الفنون، لكن اليوم أصبح مكانًا يعكس واقع الحياة في غزة تحت الحصار والقصف.
وعلى بعد خطوات من جنيد، تجلس فاطمة السيد، المسنّة التي أجبرتها قوات الاحتلال على النزوح من منزلها في شمال غزة. تروي فاطمة كيف اضطرت هي وعائلتها لمغادرة منازلهم تحت القصف، لتجد نفسها في مركز رشاد الشوا الذي تحول إلى مأوى بائس. تقول: "لم يخطر ببالنا يوماً أننا سنعيش هنا، في مكان متهدم لا يصلح للعيش الآدمي، لكننا فررنا من الموت ولم نجد بديلاً".
كان المركز، الذي يضم مكتبة ديانا تماري صباغ الشهيرة، يحتفظ بتاريخ طويل من الأنشطة الثقافية والفنية التي كانت تجمع بين الشباب والفنانين من مختلف أنحاء القطاع. لكن بعد أن طاله القصف، أصبح شاهداً على المأساة التي يعيشها الشعب الفلسطيني في غزة. وتحول هذا المكان، الذي كان يعج بالحياة، إلى مكان مفعم بالخراب والوجع.
تستمر الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة، مما أدى إلى مقتل أكثر من 151 شخصًا، بينهم العديد من النساء والأطفال، بالإضافة إلى دمار واسع في البنية التحتية والمنازل. ورغم الدمار الهائل الذي لحق بغزة، لا تزال هذه الأماكن تحمل في طياتها ذكريات لشعب صامد ومثابر في مواجهة الأزمات، متمسكًا بثقافته وتراثه رغم القصف والموت الذي يحيط به من كل جانب.