بايدن وكارتر.. تكريم رئيسين في لحظات تاريخية متشابهة رغم الفوارق الزمنية
عندما وقف الرئيس الأمريكي جو بايدن لتكريم الرئيس الأسبق جيمي كارتر بعد وفاته، لم يكن ذلك مجرد إشارة إلى رئيس سابق، بل كان لقاءً بين شخصيتين تجمعهما لحظات تاريخية متشابهة، وإن كانت في أزمنة مختلفة.
في تلك اللحظة، بدا بايدن وكأنه يُعيد استحضار الماضي، حيث تشبه رئاسته إلى حد كبير التحديات التي واجهها كارتر قبل أربعة عقود، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز".
كارتر: رجل التواضع
خلال إجازته في الكاريبي، وصف بايدن كارتر بأنه "رجل من عصر مضى، يتمتع بالصدق والشخصية والإيمان والتواضع"، مؤكدًا أن هذه القيم لا تزال صالحة حتى اليوم. بالنسبة لبايدن، كان كارتر رمزًا للقيادة الأخلاقية، لكن مسيرته الرئاسية، التي لم تدم طويلاً وكانت مليئة بالتحديات، جعلت منه شخصية مثيرة للجدل، وهو ما يشبه إلى حد كبير التساؤلات حول إرث بايدن الرئاسي في الوقت الحالي.
أوجه التشابه بين التحديات
التحديات التي واجهها كارتر وبايدن تتعدى صفاتهما الشخصية إلى الأزمات السياسية الكبرى. فكلاهما تعامل مع حزب ديمقراطي منقسم، وتعرضا لأزمات اقتصادية شملت التضخم، بالإضافة إلى التعامل مع رهائن في الشرق الأوسط أثرت في إداراتهما.
بالنسبة لكارتر، كانت أزمة الرهائن الإيرانيين التي استمرت 444 يومًا نقطة تحول رئيسية أضعفت رئاسته. أما بالنسبة لبايدن، فإن حرب الشرق الأوسط الحديثة تسببت في تداعيات سياسية مشابهة، رغم أنها لم تهيمن على رئاسته بشكل كامل.
رجال من عصور مختلفة
رغم أوجه التشابه، هناك اختلافات كبيرة بين الرجلين. كارتر، الذي جاء من جورجيا دون خبرة سياسية في واشنطن، كان ينظر إلى العاصمة الأمريكية على أنها ساحة مليئة بالمراوغات السياسية التي لم يكن يفضلها. بينما بايدن، الذي يعتبر "رجل واشنطن" بامتياز، قضى أكثر من خمسين عامًا في السياسة الأمريكية، ما جعله أكثر تفاعلًا مع العملية السياسية التقليدية، وسمح له بتمرير إصلاحات كبرى مثل سياسات تغير المناخ والبنية التحتية.
توترات الماضي واحترام متبادل
على الرغم من الاحترام العميق الذي يكنّه بايدن لكارتر، إلا أن العلاقة بينهما لم تكن دائمًا سلسة. في مذكراته، اعترف بايدن بندمه على دعم كارتر في السبعينيات، منتقدًا أسلوبه في القيادة وعلاقته الفاترة مع حلفائه الأوروبيين. ومع ذلك، استطاع الرجلان إيجاد نقاط التقاء على مدار العقود، حيث جمعتهما قيم أخلاقية مشتركة ورؤية ديمقراطية متطورة.
إرث كارتر وتأملات بايدن
ما يجعل مقارنة بايدن بكارتر مثيرة هو أن كارتر، الذي كان يُعتبر يومًا رئيسًا فاشلًا، استطاع بعد عقود طويلة من ترك منصبه أن يعيد صياغة إرثه بفضل عمله الإنساني المكثف ودوره كدبلوماسي عالمي مستقل، وهو ما أكسبه جائزة نوبل للسلام في 2002. بالنسبة لبايدن، الذي يُعتبر أكبر رئيس أمريكي سنًا، فإن نافذة الزمن لتلميع إرثه قد تكون أقصر، مما يجعله أكثر حرصًا على ترك بصمته في التاريخ.