ترامب وأمريكا اللاتينية.. هل تصبح الجار المكروه حليفًا استراتيجيًا؟
على مر السنين، كانت أمريكا اللاتينية غالبًا في ظل اهتمامات السياسة الخارجية الأمريكية، مع التركيز على قضايا أخرى مثل التنافس مع الصين والحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط. ومع ذلك، يبدو أن إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن قد تراجعت عن الاهتمام بالمنطقة، مما أدى إلى شعور واسع في أمريكا اللاتينية بالإهمال. هذا الاتجاه، الذي وصفه مقال نُشر في مجلة فورين أفيرز في عام 1973 بـ "الإهمال الحميد"، وصل إلى ذروته في ظل إدارة بايدن.
ولكن مع قدوم الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، من المتوقع أن تكون أولوياته تجاه أمريكا اللاتينية أكثر وضوحًا وأكثر حزمًا من أي وقت مضى. على الرغم من تحدياته المحلية والعالمية، يبدو أن ترامب سيجعل من أمريكا اللاتينية أحد محاور سياسته الخارجية.
الأسباب وراء اهتمام ترامب بالمنطقة
تتمثل الأسباب الرئيسية في أن القضايا التي تشغل ترامب، مثل مكافحة الهجرة غير الشرعية، وقمع تهريب المخدرات، والحد من تدفق البضائع الصينية إلى الولايات المتحدة، تعتمد بشكل كبير على السياسة تجاه دول أمريكا اللاتينية. مع الفوز المتوقع في الانتخابات وتزايد تدفقات المهاجرين والمخدرات، يُتوقع أن يكون ترامب أكثر جرأة في الضغط على حكومات المنطقة لتحقيق أهدافه.
وفي هذا السياق، من المحتمل أن يتخذ ترامب إجراءات عقابية ضد بعض الدول، مثل فرض رسوم جمركية، تطبيق عقوبات، وربما حتى اللجوء إلى العمل العسكري المحدود مثل ضربات الطائرات بدون طيار ضد الكارتلات المكسيكية.
دور ماركو روبيو وتأثيره على السياسة تجاه أمريكا اللاتينية
من المتوقع أن يعزز تعيين السيناتور الأمريكي ماركو روبيو وزيرًا للخارجية هذا التوجه. روبيو هو أحد أكبر المدافعين عن سياسة أمريكية أكثر صرامة تجاه المنطقة، مما يجعله أكثر المسؤولين الأمريكيين الذين تواصلوا مع قضايا أمريكا اللاتينية في العقود الأخيرة. سيكون هذا التعيين مهمًا في تعزيز سياسة ترامب تجاه المنطقة وتعميق العلاقات مع الحكومات المحافظة في أمريكا اللاتينية.
المخاطر المحتملة على المدى القصير
على الرغم من الفرص التي قد تنشأ نتيجة لهذه السياسات، فإن التحديات على المدى القصير تبقى كبيرة. من المرجح أن تُزعزع سياسات ترامب المنطقة بشكل كبير، مما قد يدفع دولًا مثل المكسيك إلى الابتعاد عن واشنطن. على سبيل المثال، إذا لم تتعاون المكسيك في تأمين الحدود المشتركة أو في وقف تدفق المهاجرين، فمن المحتمل أن تتعرض لعقوبات تجارية تؤثر على صادراتها إلى الولايات المتحدة.
الضغوط على دول أمريكا اللاتينية لوقف الاستثمارات الصينية
من المتوقع أن يسعى ترامب أيضًا للضغط على دول مثل البرازيل وبنما وبيرو لوقف قبول الاستثمارات الصينية في مشاريع حيوية مثل الموانئ والشبكات الكهربائية والشبكات اللاسلكية من الجيل الخامس. يعتقد العديد من الجمهوريين أن وجود الصين المتزايد في المنطقة يتعارض مع مبدأ مونرو، الذي يحظر التدخل الأجنبي في نصف الكرة الغربي.
التحديات والفرص المستقبلية
على الرغم من أن سياسات ترامب قد تؤدي إلى صراعات مع بعض دول أمريكا اللاتينية، إلا أن هناك أيضًا فرصًا محتملة للتعاون الاقتصادي وزيادة الاستثمارات في الدول التي تعتبرها الولايات المتحدة حليفة. ستعتمد النتائج على كيفية تعامل ترامب مع القضايا العميقة التي تواجه المنطقة، مثل الأزمات الاقتصادية والهجرة.
وفي النهاية، يبقى السؤال الأهم: هل سيرى ترامب في أمريكا اللاتينية مجرد مصدر للمشاكل أم أنه سيرى فيها حلًا لهذه المشاكل؟