سر المقبرة المشددة.. الغموض يكتنف مكان دفن حسن نصر الله في «روضة الشهيدين»
منذ شهرين، بعد مقتل الأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر الله، في غارة إسرائيلية، أثار موضوع مكان دفنه العديد من التكهنات والشكوك، حيث سادت حالة من الغموض حول جثمانه ومكان دفنه، وسط صمت كامل من جانب حزب الله.
رغم ذلك، بدأ يتضح أخيراً من خلال تقارير صحفية أن جثمان نصر الله تم دفنه في "روضة الشهيدين"، وهي مقبرة مشهورة في منطقة الغبيري، الضاحية الجنوبية لبيروت. وتعتبر هذه المقبرة مكاناً دفن العديد من قيادات الحزب وضحاياهم الذين سقطوا في المعارك مع إسرائيل.
وكانت البداية مع زيارة وفيق صفا، المسؤول في حزب الله، إلى "روضة الشهيدين" لقراءة الفاتحة على ضريح هاشم صفي الدين، رئيس المجلس التنفيذي للحزب الذي قُتل في غارة إسرائيلية على منطقة المريجة الشهر الماضي. وفيق صفا هو صهر حسن نصر الله، وهو أحد القيادات البارزة في الحزب، ويُعتبر "وزير الدفاع" غير الرسمي لحزب الله. بعد القصف الإسرائيلي الذي استهدفه في بيروت في الشهر الماضي، كان مصير صفا غير معروف لفترة، لكن ظهوره الأخير في "روضة الشهيدين" أضاف مزيداً من الغموض حول الوضع داخل الحزب.
وبحسب الصحيفة اللبنانية "النهار"، تم دفن جثمان صفي الدين في "روضة الشهيدين" بعد انتشاله من تحت الأنقاض جراء الغارة الإسرائيلية، كـ"وديعة" إلى حين إجراء التشييع المركزي في الضاحية الجنوبية لبيروت. وفي 23 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، نعى حزب الله صفي الدين، الذي كان يعد من أبرز المرشحين لخلافة نصر الله في قيادة الحزب.
أما بالنسبة لجثمان حسن نصر الله، فقد تم دفنه في نفس المقبرة، أي "روضة الشهيدين"، كـ"وديعة" أيضاً، إلا أن هناك تكتم شديد على تفاصيل دفنه، حيث يخضع ضريح نصر الله لإجراءات أمنية مشددة للغاية، ما يجعل الوصول إليه أمرًا مستحيلًا.
الغموض حول مقتل نصر الله ومكان دفنه ليس بالأمر الجديد على حزب الله، الذي لطالما اتسمت قراراته بالسرية في مسألة العمليات العسكرية وتفاصيل قياداته. والحديث عن دفن نصر الله في "روضة الشهيدين" يعكس بشكل واضح السياسة الأمنية المتبعة من الحزب التي تفرض السرية على أي تفاصيل تتعلق بشخصياته القيادية.
روضة الشهيدين هي مقبرة إسلامية شيعية تقع في قضاء بعبدا بمحافظة جبل لبنان. أنشئت في منتصف الثمانينات من القرن الماضي وتبلغ مساحتها حوالي 400 متر مربع. تحتوي هذه المقبرة على العديد من الضحايا والشهداء الذين سقطوا في المواجهات مع إسرائيل، ومن بينهم شخصيات بارزة في حزب الله. كما تضم أيضًا مقامات لعدد من القادة الذين قضوا في حروب لبنان وعملياته العسكرية. وقد تحولت المقبرة إلى رمز للعديد من المحطات الهامة في تاريخ الحزب، حيث يتم دفن قيادات الحزب وأفراد عائلاتهم في هذه المقبرة التي تُعد مكانًا محوريًا داخل ثقافة حزب الله.
إجراءات الأمن المشددة التي تحيط بمقبرة "روضة الشهيدين"، وبالأخص ضريح حسن نصر الله، تبرز حجم التقدير والتكتم الذي يحيط بمسألة قيادة الحزب، وتهدف إلى حماية الرمزية الخاصة بهذه الشخصيات لدى أتباع الحزب.