الضغط الدولي على العراق.. هل تودع الميليشيات سلاحها لصالح الدولة؟
تواجه الحكومة العراقية في الآونة الأخيرة ضغوطًا دولية متزايدة، تدعوها لاتخاذ خطوات حاسمة تجاه الميليشيات المسلحة في البلاد، في ظل التحديات الأمنية والاقتصادية التي يمر بها العراق والمنطقة بشكل عام. هذه الضغوط تجلت في الزيارة المفاجئة لوزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، إلى بغداد، حيث تم مناقشة ملف الميليشيات المسلحة وضرورة حصر السلاح بيد الدولة، وإنهاء الأنشطة المسلحة غير المشروعة.
توجه الحكومة العراقية لحل الميليشيات
في ظل هذه الضغوط، بدأت الحكومة العراقية اتخاذ خطوات جادة في هذا الاتجاه، حيث أكد عضو ائتلاف دولة القانون، وائل الركابي، أن جميع الفصائل المسلحة أصبحت تحت السيطرة الحكومية، وأنه من المتوقع قريبًا تسليم الأسلحة إلى الحكومة. هذا التوجه مدعوم جزئيًا من المرجعية الدينية في العراق، وعلى رأسها المرجع الشيعي علي السيستاني، الذي دعا في نوفمبر الماضي إلى ضرورة حصر السلاح بيد الدولة والحد من الأنشطة العسكرية خارج إطارها.
الضغوط الشعبية والدينية
من جهتها، أبدت المرجعية الدينية في النجف اهتمامًا كبيرًا بملف الميليشيات، خصوصًا في ظل الضغوط المحلية والدولية. وتؤكد المصادر داخل الحوزة العلمية أن النقاشات حول هذا الملف تأخذ طابعًا جادًا، مع توقعات بإصدار بيان قريب من المرجعية يوجه بضرورة حسم ملف السلاح المنفلت. هذه التصريحات من المرجعية جاءت في وقت حساس، حيث هناك دعوات مكثفة لتحسين الوضع الأمني وتعزيز سيادة الدولة.
تحديات قد تواجه الحكومة
ورغم هذه الضغوط، فإن الحكومة العراقية قد تواجه تحديات كبيرة في تنفيذ قرار حل الميليشيات، حيث أن هذه الفصائل لا ترى سلاحها مجرد أداة عسكرية بل جزءًا من نفوذها السياسي والاجتماعي. ولذا قد يكون هناك رفض واسع لمثل هذه القرارات، مما قد يؤدي إلى اضطرابات ومواجهات بين القوات الأمنية والميليشيات، وربما تدخل قوات التحالف الدولي التي ما زالت تعمل في العراق لمواجهة الإرهاب.
إجراءات سياسية وحلول وسط
في هذا السياق، قدم الزعيم الصدري مقتدى الصدر ردًا على هذه التحولات، مؤكداً على ضرورة تبني العراق موقفًا حياديًا إزاء الأزمات الإقليمية، خاصة في سوريا، والعمل على منع التدخلات المسلحة من قبل الفصائل أو الحكومة في الشؤون الإقليمية. كما يرى الباحث السياسي محمد التميمي أن الوضع في العراق يتجه نحو تسليم الميليشيات لأسلحتها، وذلك تحت ضغط دولي وشعبي، مشيرًا إلى أن غياب الحاضنة الشعبية للفصائل المسلحة في السنوات الأخيرة قد يسهل عملية الحل والتفاوض.
باختصار، يشهد العراق تحولات كبيرة في ملف الميليشيات المسلحة، وسط ضغوط داخلية ودولية لإنهاء هذه الأنشطة خارج إطار الدولة. وبينما قد تواجه الحكومة تحديات في تنفيذ هذه القرارات، فإن التوجه نحو تعزيز سلطة الدولة واستقرار الوضع الأمني يبقى أولوية سياسية ودينية في الوقت الراهن.