قانون الانتخابات العراقية.. صراع القوى وتحولات التوازن السياسي
دفع ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء العراقي الأسبق، نوري المالكي، باتجاه تعديل قانون الانتخابات العراقي لتعزيز فرصه السياسية ومواجهة تحديات رئيس الوزراء الحالي، محمد شياع السوداني. وكان النظام الانتخابي في العراق قد شهد عدة تغييرات على مدار خمس دورات تشريعية، حيث اعتمدت أغلب الانتخابات السابقة على نظام "سانت ليغو" بمعادلة 1.7. أما في انتخابات 2021، فقد تم استخدام نظام "الدوائر المتعددة"، إلا أن هذا النظام تم تعديله سريعًا بعد خمسة أشهر من تولي السوداني منصبه، ليُعاد العمل بنظام "سانت ليغو".
المالكي، الذي لم يتوقع صعود نجم السوداني، يسعى الآن لتعديل القانون بما يتناسب مع التغيرات السياسية الجديدة، خاصة في ظل شعبيته المتزايدة التي قد تؤهله لتشكيل كتلة نيابية في الانتخابات المقبلة. في هذا السياق، صرح المالكي مؤخرًا أنه تقدم بطلب إلى رئيس البرلمان، محمود المشهداني، لتحريك تعديل قانون الانتخابات بما يحقق توازنًا بين النظامين الانتخابيين "الدوائر المتعددة" و"سانت ليغو"، بهدف حل الخلافات المتعلقة به.
نظام مختلط لتوازن القوى
وفقا لمصادر مطلعة على نقاشات تعديل القانون، فإن التعديل المقترح يهدف إلى وضع نظام انتخابي يتماشى مع التحولات السياسية في البلاد. يتجه النقاش العام إلى الإبقاء على المحافظة كدائرة انتخابية واحدة، مع اعتماد نظام انتخابي مختلط. ويشمل هذا النظام جزأين: الأول يعتمد على النظام الأكثري بنسبة 20% من المقاعد، بينما يتم تخصيص 80% من المقاعد لنظام "سانت ليغو" النسبي. يتيح هذا التوزيع أن تُخصص 20% من مقاعد كل دائرة لأعلى الأصوات، مع منع استخدام الأصوات الفائضة لدعم القوائم، فيما توزع الـ80% المتبقية بين القوائم والكتل المشاركة.
هذا النظام يعد الأول من نوعه في العراق، ويهدف إلى تعزيز سلطات الأحزاب الكبرى على حساب الأحزاب الصغيرة والمستقلين، وهو ما يعتبر تحولًا مهمًا في السياسة البرلمانية العراقية.
القلق من تأثيرات التعديل على الخارطة السياسية
يرى المحلل السياسي صلاح الكبيسي أن انتخابات 2021 التي جرت بنظام "الدوائر المتعددة" كانت بمثابة صدمة لبعض القوى السياسية، حيث فاز العديد من النواب المستقلين على حساب الكتل الكبيرة. ويعتقد الكبيسي أن ما يُطرح حاليًا من نقاشات حول تعديل القانون ليس إلا أفكارًا غير مكتوبة بشكل رسمي داخل البرلمان، مع وجود تخوف من تأثير هذه التعديلات على التوازن السياسي، خاصة بالنسبة للكتل الكبرى التي قد ترى في هذا التعديل تهديدًا لوجودها.
التأثير المحتمل على السوداني
في حال تمرير هذا التعديل، سيواجه رئيس الوزراء السوداني تحديات في بناء كتلة نيابية، حيث سيعتمد على الأصوات الشخصية التي يحصل عليها لتكوين هذه الكتلة. وهذا يعكس تغييرًا مهمًا في العلاقة بين الزعامات السياسية، حيث ستقل حظوظ زعماء الأحزاب الكبرى مثل المالكي وهادي العامري في الاستفادة من الأصوات التي يحصلون عليها لرفع مرشحيهم إلى البرلمان.
يشير البعض إلى أن هذا التعديل قد يكون ضربة للسوداني، الذي سيجد نفسه في موقف يتطلب الحصول على تأييد شخصي أكبر في مقابل الأعتماد على الدعم التقليدي لزعامات الحزب.