السودان.. تصاعد العنف والخسائر البشرية في ظل الحرب المستمرة
تواصل الحرب في السودان رحاها دون توقف، حاصدة الأرواح ومدمرة للممتلكات، في ظل أفق مسدود للحل السياسي واستمرار تفاقم الكارثة الإنسانية التي يعيشها المدنيون الذين يتحملون عبء هذا الصراع العنيف. ومع استمرار هذه الحرب، لا تزال العواقب تتسع، حيث يُضاف إليها المزيد من الضحايا والتدمير، في الوقت الذي تزداد فيه معاناة المواطنين في مختلف أنحاء البلاد.
وفي أحدث تطور، كشفت مصادر عسكرية لـ "العين الإخبارية" أن 11 طائرة مسيرة انتحارية قد استهدفت في فجر اليوم الأربعاء معسكر "المعاقيل" التابع للفرقة الثالثة مشاة في مدينة شندي شمالي السودان. وفقًا للمصادر العسكرية، تسببت هذه الهجمات في انفجارات هائلة، مما أسفر عن سقوط العديد من القتلى والجرحى في صفوف الجيش السوداني. كما أوضحت المصادر أن الهجوم على المعسكر أسفر عن أضرار مادية كبيرة، بينما تمكنت المضادات الأرضية وأجهزة التشويش الإلكتروني من التعامل مع بعض الطائرات المسيرة التي كانت تستهدف المعسكر.
فيما يتعلق بالنتائج المترتبة على الهجوم، أكدت المصادر أن الهجوم الانتحاري تسبب في حالة من الخوف والذعر بين المدنيين الذين يعيشون في الأحياء السكنية المجاورة، حيث سمع دوي الانفجارات الهائلة، مما جعل الوضع الأمني يتدهور بشكل ملحوظ. كما لم تتلق "العين الإخبارية" أي تعليق فوري من الجيش السوداني أو قوات "الدعم السريع" حول هذا الهجوم.
تأتي هذه الهجمات في إطار التصعيد العسكري المستمر بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع"، التي تحاول الضغط على الولايات الشمالية ونهر النيل من خلال استهداف المواقع العسكرية والمطارات بشكل مكثف. فقد سبق لهذا النوع من الهجمات أن استهدف مواقع استراتيجية أخرى، من بينها مطار مروي في نوفمبر 2023، الذي تعرض لهجوم مكثف بواسطة 16 طائرة مسيرة انتحارية. كما شهدت ولاية نهر النيل في أكتوبر 2023 إطلاق 13 طائرة مسيرة باتجاه الفرقة الثالثة مشاة في مدينة شندي، في توقيت تزامن مع زيارة رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان إلى المنطقة.
ويتزامن هذا التصعيد العسكري مع تدهور الوضع الإنساني في السودان، الذي كان يُعتبر من أفقر بلدان العالم حتى قبل اندلاع الحرب. وتُشير التقارير الأممية إلى أن السودان يشهد الآن واحدة من أسوأ أزمات النزوح في العالم، مع خطر يهدد بأن يصبح قريبًا أكبر أزمة جوع يشهدها العالم بسبب نقص الغذاء الناتج عن استمرار القتال. ومنذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، أسفرت المعارك المستمرة بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" عن مقتل أكثر من 20 ألف شخص، بينما أجبر أكثر من 14 مليون شخص على النزوح من منازلهم، في أسوأ أزمة إنسانية تشهدها البلاد.
تُضاف هذه التطورات إلى سلسلة من التحديات التي تواجه السودان، حيث يواصل المواطنون العيش في ظل ظروف قاسية، ما يجعل الوضع أكثر صعوبة مع مرور الوقت. وقد تصاعدت الدعوات الأممية والدولية لوقف هذه الحرب وتقديم الحلول السياسية التي من شأنها أن تضع حدًا لمعاناة المدنيين وتفتح الطريق نحو تحقيق السلام والاستقرار في البلاد.