نشاط القراصنة مع حركة الشباب.. تعاون من أجل الإرهاب
لطالما ارتبط اسم الصومال بالقراصنة، الذين هاجموا السفن التجارية في خليج عدن والمحيط الهندي لسنوات عديدة.
في أوج نشاطهم، في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كان القراصنة الصوماليون يشكلون تهديدًا خطيرًا للتجارة العالمية، مما أدى إلى تكاليف باهظة وخسائر في الأرواح.
على الرغم من عدم وجود صلة منهجية واضحة بين القراصنة والقيادة المركزية لحركة الشباب؛ إلا أن الكثير من القراصنة قبل عام 2017م كان يدفعون جزءًا من الفدية لحركة الشباب، التي طبّقت في وقتٍ سابق ضريبة بنسبة 20% على فدية القراصنة في مدينة هاراديري الساحلية، التي كانت تسيطر عليها الحركة، وما زالت من المراكز الرئيسية للقراصنة حتى الآن. كما استخدمت حركة الشباب القراصنة لتهريب الأسلحة إلى الصومال.
زادت أعمال القرصنة على السفن زيادةً كبيرة في العقود الأخيرة، ولعل الأوضاع غير المستقرة في دول القرن الإفريقي ما تزال من أهم الأسباب المؤدِّية إلى ارتفاع وتيرة هذه الجرائم، وإن كانت بعض أهداف القرصنة اقتصادية بحتة، لكنها تندرج تحت أعمال الإرهاب التي تهدِّد سلامة الملاحين والسفن، وتبثُّ الذُعرَ في نفوس الأفراد، وتسلب الممتلكات الخاصة والعامة، علاوةً على أن بعض عمليات القرصنة لها أهدافٌ سياسية يسعى القراصنة إلى تحقيقها على أرض الواقع. وهذا الذي دفع شركات الشحن إلى اتخاذ إجراءات احترازية، منها زيادة الأعباء المالية الإضافية للتأمين على السفن والأفراد، فضلاً عن الخسائر المحتملة لتنفيذ عمليات اختطاف السفن والمساومة بفدى باهظة للإفراج عنها.
كما أنَّ هناك تعاونًا وتنسيقًا بين القراصنة وحركة الشباب، وذلك عن طريق تقديم الحركة الحماية للقراصنة، وتوفير مقرات لإخفاء الرهائن، مقابل جزء من أموال الفدية التي قد يحصلون عليها يتراوح من 50-60%، لا سيما في ظل التدابير التي ما يزال المجتمع الدولي يمارسها لمواجهة القرصنة، وإن قلَّت عن السابق، ولكنها لم تنتهِ بشكل كامل، وما زالت تمثل تحديًا كبيرًا أمام القراصنة يتطلب منهم البحث عن الدعم.
وعلى الرغم من رفض الكثير من الجهات الدولية فكرة إعطاء الفدية للقراصنة، انطلاقًا من أن ذلك يشجّع القرصنة البحرية؛ إلا أن هذا التعاون بين القراصنة وحركة الشباب، سيُصعّب من فكرة دفع الفدية؛ خاصةً أن جزءًا كبيرًا من هذه الأموال يذهب لدعم الجماعات المسلحة وأعمال العنف في الصومال.
العنف الذي ستنتهجه حركة الشباب من أجل عدم تفعيل هذا الاتفاق، لا سيما أنها أعلنت رفضها له، وأكدت وفق بيانها أنه “سوف تُراق على مذكرة التفاهم الخاصة بالاتفاق الدماء”، مما سيزيد من حالة العنف وزيادة الهجمات الإرهابية تجاه حكومة أرض الصومال من ناحية، والقوات الإثيوبية الموجودة في الصومال من ناحية ثانية.
هذه الحالة من العنف والفوضى سوف يترتب عليها زيادة نشاط القرصنة الذي ينشط في أوقات الأزمات، ويستغل الحروب لممارسة نشاطه.
يعتمد القراصنة الصوماليون على السكان المحليين في الأراضي التي لا تخضع لسيطرة الحکومة الصومالية؛ لتوفير الملاجئ، والطعام وأماکن احتجاز الرهائن، وعلى الرغم مما حقَّقه الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود من تقدُّم في مواجهة حركة الشباب والسيطرة على بعض المناطق؛ إلا أنه ما يزال هناك الكثير من المناطق غير الخاضعة لسلطة الدولة المركزية، ويتم استخدامها مِن قِبَل القراصنة لممارسة نشاطهم.
وتقع الصومال إلى جانب بعض أهم ممرات الشحن في التجارة العالمية، وهي قريبة من ثلاثة ممرات بحرية: قناة السويس، وباب المندب، ومضيق هرمز، مما يترتب على القرصنة إلحاق الضرر بعدد من الدول الأخرى، ومنها مصر بسبب تعطل حركة الملاحة البحرية في قناة السويس، وتحويل عدة شركات شحن مسار سفنها إلى طريق رأس الرجاء الصالح.