مفقودون في ظلال الحرب.. عائلات فلسطينية تتنقل بين فقدان الأمل والبحث عن الحقيقة
على مدار العام المنصرم، وفي ذروة الحرب في غزة، نفذ الجيش الإسرائيلي ما وصفته تقارير بـ "عملية غربلة جماعية" للسكان الفلسطينيين. هذه الحملة شملت مداهمة المنازل والملاجئ، واستخدام نقاط التفتيش لفرز المدنيين، حيث كانت القوات الإسرائيلية تلاحق الأشخاص المشتبه في ارتباطهم بحركة حماس، مما أسفر عن اعتقال مئات من الرجال وتهجير عائلاتهم إلى مناطق أخرى، ما أدى إلى تفكك الأسر الفلسطينية.
ريم عجور.. مأساة امرأة فلسطينية بين فقدان العائلة والمفقودين
ريم عجور، إحدى المتضررات من هذه الحملة، تروي تجربتها الأليمة، حيث فقدت زوجها طلال وابنتها مسعدة البالغة من العمر 4 سنوات في مارس الماضي. تلك اللحظات القاسية تظل عالقة في ذهنها، حينما داهمت القوات الإسرائيلية منزلهم في شمال غزة، وأمرت ريم بالرحيل بينما تركت خلفها عائلتها المصابة. وتضيف عجور: "أعيش وأموت في نفس الوقت" مشيرة إلى الألم الذي تعيشه منذ تلك الحادثة.
بعد ثمانية أشهر من اختفاء عائلتها، لا تزال ريم تبحث عن أي أخبار عن زوجها وابنتها، خاصة بعدما تم تدمير منزلها. وتقول إنها تلقت إشاعات عن احتمال احتجاز زوجها، لكنها لم تتلق إجابة واضحة من الجيش الإسرائيلي. وبحسب ما ذكرت وكالة "أسوشيتد برس"، فإن عجور هي واحدة من العديد من الفلسطينيين الذين فقدوا أفراد عائلاتهم في مداهمات الجيش الإسرائيلي، ويجري دعمهم من قبل منظمة "هموكيد" القانونية.
الافتقار للمساءلة والمراقبة الدولية
منظمة "هموكيد" تقول إن عدد المفقودين من الفلسطينيين يقدر بالآلاف، ومعظمهم فُقدوا بعد مداهمات واعتقالات خلال العمليات العسكرية في قطاع غزة. وتؤكد المنظمة أن القضاء الإسرائيلي لم يلتزم بتوفير الشفافية حول هذا الموضوع، حيث رفضت المحكمة العليا التدخل في قضايا المفقودين رغم الالتماسات المقدمة.
إلى جانب ذلك، كشف الجيش الإسرائيلي في وقت سابق عن احتجاز نحو 500 فلسطيني من قطاع غزة في سجونه، ولكنه أكد عدم وجود سجلات عن 400 آخرين، ما يزيد من تعقيد قضية المفقودين ويثير تساؤلات حول غياب التوثيق المناسب لهذه الممارسات.
الآثار القانونية والانتهاكات الدولية
بموجب تعديل القانون الإسرائيلي الذي تم إدخاله أثناء الحرب، يمكن احتجاز الفلسطينيين دون الاتصال بالعالم الخارجي لأكثر من شهرين، وهو ما يثير جدلاً قانونيًا واسعًا، حيث يوجب القانون الدولي على إسرائيل توثيق جميع المداهمات والاعتقالات. إلا أن تقارير حقوقية تؤكد أن الجيش الإسرائيلي لا يقدم الشفافية اللازمة في هذا الشأن.
الباحثة في "هيومن رايتس ووتش" ميلينا أنصاري تشير إلى أن إسرائيل ملزمة بتوثيق جميع المداهمات والاعتقالات وفقًا للقانون الدولي، لكن الجيش الإسرائيلي ليس شفافًا بشأن ذلك، مما يزيد من القلق الدولي حول مصير المفقودين الفلسطينيين خلال الصراع الأخير في غزة.